شهد شهر مايو 2025 تحولات اقتصادية مهمة في سوريا، حيث برزت بوادر انفتاح اقتصادي مدعوم إقليميًا ودوليًا بعد سنوات من العزلة. فقد تزامنت إعادة التواصل العربي والخليجي مع دمشق مع رفع العقوبات الغربية عن سوريا، مما هيّأ البلاد لدخول مرحلة جديدة من التعافي والاستثمار. وأكد مسؤولون إقليميون أن سوريا تمتلك فرصًا استثمارية وموارد كبيرة، إضافة إلى شعب مثقف متعطش للنهوض بالبلاد بعد إنهاء العزلة (1). فيما يلي آخر أخبار سوريا الاقتصادية اليوم – مايو 2025:
استثمارات خليجية مرتقبة وضخمة:
برز الدور الخليجي بقوة هذا الشهر مع الإعلان عن استثمارات ضخمة في سوريا. خلال زيارة تاريخية لوفد سعودي رفيع المستوى إلى دمشق نهاية مايو، تم الكشف عن مذكرات تفاهم لاستثمار نحو 7 مليارات دولار في مشاريع حيوية (2). وتتضمن هذه الاستثمارات تطوير أربع توربينات غازية بطاقة 4000 ميغاواط، وإنشاء محطة طاقة شمسية بطاقة 1000 ميغاواط (3). من المتوقع أن تلبي هذه المشاريع أكثر من 50% من احتياجات سوريا الكهربائية، الأمر الذي يعزّز الاستقرار الاقتصادي ويشجع الاستثمارات في قطاعات أخرى (4).
وفي خطوة تعكس التوجه الخليجي لدعم الاستثمار في سوريا، بدأت الأمانة العامة لمجلس التعاون التنسيق لعقد منتدى اقتصادي خليجي-سوري لبحث الفرص الاستثمارية في سوريا. تشير مصادر خليجية إلى أنّ المنتدى المخطط إقامته أواخر 2025 أو مطلع 2026 سيُركز على قطاعات البنية التحتية، الزراعة، الطاقة، الصناعة والسياحة (5) – وهي الفرص الاستثمارية في سوريا التي باتت محط اهتمام متزايد مع انطلاق جهود إعادة الإعمار. كما شهد شهر مايو مشاركة خليجية فاعلة على الأرض، حيث حضر مطورون عقاريون خليجيون معرض إعادة الإعمار “بيلدكس سوريا 2025” بـ20 شركة سعودية وعدة شركات قطرية، ضمن أكثر من 250 شركة أجنبية شاركت في المعرض (6). هذا الحضور الخليجي يؤكد الرغبة في الاستثمار العقاري في سوريا والاستفادة من مشاريع إعادة الإعمار والإنشاءات.
اتفاقيات ومشاريع في قطاع الطاقة كانت من آخر أخبار سوريا الاقتصادية اليوم – مايو 2025
قطاع الطاقة كان في صدارة التطورات هذا الشهر، مع توقيع اتفاقيات استراتيجية لتحسين الواقع الكهربائي وتعزيز أمن الطاقة. بجانب مشروع التوربينات الغازية والمحطة الشمسية الممول خليجيًا (7)، أعلنت الحكومة السورية عن اتفاقية مع شركات تركية لتأمين امدادات الغاز الطبيعي اللازم لتوليد الكهرباء (8). هذه الخطوة ستسهم في تشغيل محطات التوليد بكفاءة أعلى وتخفيف الاعتماد على الوقود المستورد مرتفع التكلفة. كما أفادت مصادر رسمية بوصول وفود من كبار رجال الأعمال من دول الخليج، وخاصة السعودية، لبحث فرص الاستثمار في مجالات الطاقة والنفط والغاز ضمن مساعي مشتركة لتنمية هذا القطاع الحيوي (9).
وتتكامل هذه التطورات مع الدعم الدولي لسوريا في مجال الطاقة، حيث يأتي الاستثمار الخليجي بالتعاون مع منظمات مالية كبرى. وكانت الرياض قد أعلنت في أبريل 2025 – بالتنسيق مع صندوق النقد والبنك الدوليين – التزامها بدعم تعافي الاقتصاد السوري (10). هذا الدعم تُرجم على أرض الواقع عبر تمويل مشاريع البنية التحتية والطاقة، ويُمهد الطريق لإعادة تأهيل شبكة الكهرباء المتهالكة، وبالتالي تحسين الخدمات الأساسية ودعم بيئة الأعمال. يُذكر أيضًا أن الاتحاد الأوروبي قرر في مايو رفع عقوباته الاقتصادية عن قطاع الطاقة السوري، ما يتيح استقدام التكنولوجيا والاستثمارات الأوروبية لتحديث منشآت النفط والغاز وتطوير مصادر الطاقة المتجددة في البلاد.
سعر صرف الليرة السورية في مايو 2025
شهد سعر صرف الليرة السورية خلال مايو 2025 تقلبات ملحوظة تزامنت مع المستجدات السياسية والاقتصادية. فعقب إعلان رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا منتصف الشهر، ارتفعت قيمة الليرة بشكل فوري في السوق الموازية (11). ورغم إبقاء مصرف سوريا المركزي سعر الصرف الرسمي ثابتًا عند حوالي 11,000 ليرة للدولار الواحد (12)، إلا أن سعر الدولار تراجع في السوق السوداء تدريجيًا. في منتصف مايو بلغ الدولار نحو 10,000 ليرة سورية في السوق الموازية ثم تحسنت الليرة أكثر مع نهاية الشهر ليصل سعر الدولار إلى حوالي 9350 ليرة للشراء و9450 ليرة للمبيع في دمشق (13).
هذا التقارب بين السعر الرسمي والموازي يعكس ارتفاع الثقة بالعملة المحلية إثر التطورات الإيجابية، وإن كانت الفجوة لم تختف تمامًا. الجدير بالذكر أن سعر صرف الليرة السورية كان قد شهد تحسنًا كبيرًا منذ بداية 2025 مع بوادر الانفراج السياسي؛ ففي الأشهر الأولى من العام تقلّص سعر الدولار في السوق السوداء من مستويات قياسية تجاوزت 15 ألف ليرة إلى ما دون 7500 ليرة أواخر الشتاء، قبل أن يعود ويرتفع تدريجيًا بفعل المضاربات (14) . ومع الخطوات الراهنة لدعم الاقتصاد، يُتوقع أن يواصل سعر الصرف استقراره النسبي أو تحسنه، خاصة مع تدفق الاستثمارات الأجنبية وعودة التعاملات المالية الطبيعية مع الخارج.
فرص الاستثمار في العقارات والرعاية الصحية والتعليم
مع انطلاق عملية إعادة الإعمار وانفتاح سوريا اقتصاديًا، برزت فرص الاستثمار في عدة قطاعات أساسية تتجاوز البناء التقليدي لتشمل التنمية البشرية والخدمات. في قطاع العقارات، يشهد الاستثمار العقاري في سوريا انتعاشًا مدعومًا بتيسيرات حكومية وإقبال من شركات عربية ودولية. المعارض العقارية الأخيرة – مثل معرض بيلدكس 2025 – أكدت هذا الاهتمام، حيث عرضت شركات محلية 1600 علامة تجارية جنبًا إلى جنب مع حضور أوروبي وصيني وخليجي لافت (15). الحكومة السورية بدورها تُجهّز لإقرار قانون الاستثمار الجديد 2025 الذي سيقدم إعفاءات ضريبية وتسهيلات في تخصيص الأراضي وضمانات للمستثمرين (16)، مما يخلق بيئة مشجعة لـ الفرص الاستثمارية في سوريا وخاصة في مجال تطوير البنية التحتية والمشاريع العقارية الحديثة.
الاستثمار الطبي في سوريا: حاجة وفرصة
يُعد الاستثمار الطبي في سوريا من أبرز الفرص الحالية بعد سنوات من التراجع في القطاع الصحي. فقد أدت الحرب إلى تدمير عدد كبير من المستشفيات ونقص شديد في الكوادر الطبية المؤهلة. قبل عام 2011، كانت سوريا تُعرف بأنها دولة رائدة في الصناعات الدوائية وتُصدّر منتجاتها إلى أكثر من 17 دولة. أما اليوم، فإن السوق المحلية لا يُغطّى منها إلا نحو 25% فقط.
رفع العقوبات الاقتصادية في مايو 2025 فتح المجال لاستيراد المعدات والتجهيزات الطبية والمواد الخام الضرورية. هذا التطور سيساهم بشكل مباشر في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
كما أصبح من الممكن الآن تمويل مشاريع جديدة مثل المستشفيات والمراكز الصحية عبر المنح والاستثمارات الخارجية. ومن المتوقع أن تؤدي هذه الخطوات إلى رفع أجور الكوادر الطبية، التي كانت لا تتجاوز 50 دولارًا شهريًا، واستعادة بعض الكفاءات التي غادرت البلاد.
كل هذه المؤشرات تجعل من القطاع الصحي في سوريا بيئة جذابة للمستثمرين، خاصة أولئك الذين يبحثون عن عائد جيد إلى جانب أثر إنساني ملموس. ولهذا، يُعد الاستثمار الطبي في سوريا خيارًا ذكيًا على المدى القريب والمتوسط.
الاستثمار التعليمي في سوريا, رهان على المستقبل:
يحظى قطاع التعليم في سوريا اليوم باهتمام متزايد من الحكومة في ظل الاستعداد لمرحلة ما بعد التعافي. في مايو 2025، أكد الرئيس السوري على ضرورة تحديث المناهج التعليمية وتطوير البنية التحتية في المدارس والجامعات، مع التركيز على إدخال الوسائل الرقمية الحديثة.
هذه الجهود فتحت المجال أمام الاستثمار التعليمي في سوريا، وخصوصًا في مجالات إنشاء مدارس خاصة، معاهد تدريب مهني، وجامعات خاصة أو فروع لجامعات دولية. ومع عودة الاستقرار، يُتوقع تزايد الطلب على التعليم عالي الجودة، سواء من قبل الأسر أو من قبل سوق العمل.
من أبرز المبادرات التي ظهرت مؤخرًا، إطلاق نظام رقمي جديد في وزارة التربية، وتأسيس جمعيات محلية تعمل على دعم العملية التعليمية. كما تعمل الحكومة على تشجيع القطاع الخاص للمشاركة في تطوير المناهج والمباني المدرسية.
الطلب المرتفع على التعليم، إلى جانب وجود كفاءات سورية متميزة، يجعل من هذا القطاع وجهة واعدة للمستثمرين المحليين والدوليين. الاستثمار في التعليم هو استثمار في رأس المال البشري، ويُعتبر من أهم عناصر بناء الاقتصاد السوري الجديد.
في المحصلة، يحمل مايو 2025 مؤشرات إيجابية لمسار الاقتصاد السوري: عودة الاستثمار في سوريا إلى الواجهة بدعم عربي ودولي، وتحسن ملحوظ في سعر صرف الليرة السورية، إلى جانب انفتاح مجالات الاستثمار العقاري والطبي والتعليمي بشكل غير مسبوق. ورغم التحديات القائمة، يبدي صنّاع القرار تفاؤلًا مشوبًا بالحذر بقدرة سوريا على جذب الفرص الاستثمارية في سوريا واستغلالها لبناء اقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة، مستفيدين من موقعها الاستراتيجي ومواردها وشعبها المتعلم. الأيام القادمة ستكون حاسمة في ترجمة هذه الوعود والتعهدات إلى مشاريع وتنمية حقيقية على الأرض السورية (23).
اطلعوا على المزيد من منصة الاستثمار السورية:
- فرص استثمارية في سوريا
- قانون الاستثمار في سوريا 2025 – ما المتوقع؟ وكيف يدعم البيئة الاستثمارية؟
- تأسيس شركة محدودة المسؤولية في سوريا – دليلك الشامل 2025
المصادر:
- التقارير الإخبارية والتصريحات الرسمية الواردة في المواقع والصحف العربية (اقتصاد الشرق، الشرق الأوسط، العين الإخبارية، العربي الجديد، عنب بلدي، CNBC عربية) خلال مايو 2025. تم استخدام معلومات وبيانات موثقة من هذه المصادر كما هو مشار إليه في الاستشهادات أعلاه.